أسماء الله وصفاته
الرد على المعتزلة وإثبات ربوبية الله تعالى للعرش
أكثر المعتزلة يردون آيات الاستواء بالعقل -في نظرهم- وباستبعاد ذلك؛ ولكن كلامهم وشبهاتهم وعقلياتهم ليست مضطردة، وليست صحيحة.
كثير منهم يردونها بالتأويل، فأكثرهم يقولون: استوى أي: استولى، هكذا في أكثر كتبهم، ولا يزالون على ذلك، ولو كان استوى بمعنى استولى لكان الاستيلاء عاما في جميع المخلوقات؛ فالله تعالى استولى على الأرض، واستولى على الجبال، واستولى على الحيوانات، واستولى على الدواب، استولى على كل شيء، يعني: صارت تحت ولايته، أي: هي تحت ولايته.
فعلى هذا لا يكون للعرش خصوصية، لماذا خص العرش؟ إذا كان الاستيلاء عاما؛ فلماذا خص العرش بالاستيلاء عليه؟ دليل على أن له خصوصية. وأيضا فإن الاستيلاء لا يكون إلا عن مغالبة، فمن العرش له قبل أن يستولي عليه؟! ومن الذي غالبه تعالى حتى قهره واستولى على العرش؟!
لا شك أن هذا دليل على أن هذا تأويل بعيد، وأكثر ما يستدلون به بيت ينسبونه أيضا إلى الأخطل اسم> يقولون: إنه يقول:
قـد استوى بشـر على العـراق | مـن غـير سـيف أو دم مهـراق |
وتأوله آخرون بأن العرش هو الملك، وقالوا: استوى على العرش يعني: استوى على الملك.
وأنكروا أن يكون العرش مخلوقا حقيقيا أو متميزا، فأنكروا الأدلة الواضحة التي تدل على أن العرش سرير عظيم، هو سقف المخلوقات، محيط بالمخلوقات كما شاء الله، ومقبب على السماوات كلها كما دلت عليه الأدلة الواضحة؛ مثل قول الله تعالى: رسم> وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ قرآن> رسم> فهل يقال: حافين من حول الملك؟! وكذلك قوله تعالى: رسم> الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ قرآن> رسم> دليل على أن العرش مخلوق، وأنه محمول، وكذا قوله تعالى: رسم> وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ قرآن> رسم> أخبر بأنهم يحملونه، وكذا قوله تعالى: رسم> رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ قرآن> رسم> أي رب العرش ومالك العرش.
وقد أثبت ربوبيته للعرش في عدة آيات كقوله في آخر سورة التوبة: رسم> فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ قرآن> رسم> وفي أواخر سورة المؤمنون: رسم> فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ قرآن> رسم> وفي سورة البروج رسم> ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ قرآن> رسم> فأخبر بأنه رب العرش أي مالك العرش، وصفه بأنه كريم عظيم وكذلك المجيد. العرب تعرف العرش بأنه سرير الملك الذي يختص به، كما في قول الله تعالى: في قصة بلقيس اسم> رسم> وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ قرآن> رسم> فعرشها تجلس عليه؛ ولهذا قال سليمان اسم> رسم> أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قرآن> رسم> ثم قال لما جاءه: رسم> نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا قرآن> رسم> يعني: غيروا وصفه رسم> فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قرآن> رسم> فهو عرش يجلس عليه، وذكر في قصة يوسف اسم> العرش في قوله: رسم> وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ قرآن> رسم> دليل على أنه يجلس عليه، أنه سرير عظيم يجلس عليه الملوك.
مسألة>